321
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

باب في إبطال الرؤية

۱.محمّد بن أبي عبداللّه ، عن عليّ بن أبي القاسم ، عن يعقوبَ بن إسحاقَ ، قالَ :كتبتُ إلى أبي محمّدٍ عليه السلام أسألُه : كيف يَعبُدُ العبدُ ربَّه وهو لا يراه؟ فوَقَّعَ عليه السلام : «يا أبا يوسفَ ، جَلَّ سيّدي ومولايَ ، والمنعِم عَلَيَّ وعلى آبائي أن يُرَى» قالَ : وسألتُه : هل رَأى رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله ربَّه؟ فوَقَّعَ عليه السلام : «إنَّ اللّه َ تبارَكَ وتعالى أرَى رسولَه بقلبه من نورِ عظمته ما أحَبَّ» .

الحقيقية العينيّة (هلك) وضلّ ضلالاً بعيدا.

باب في إبطال الرؤية

قوله: (كيف يعبد العبد ربَّه وهو لا يراه؟!) أي كيف يعبده ولا يعرفه معرفةً لا يشتبه بغيره؟! لأنّ تلك المعرفة إنّما تحصل بالرؤية وهو لا يراه. وأجابه عليه السلام بأنّه سبحانه أجلُّ من أن يُرى ويدرَك بالحاسّة.
وتقريره: أنّه سبحانه لا يصحّ عليه الرؤية؛ لأنّه في أعلى مراتب التجرّد؛ لعلمه بجميع الكلّيات والمَغيبات. ونَبَّهَ عليه عليه السلام بقوله: (المنعم عليَّ وعلى آبائي) أي بما أنعم عليهم من كمال العلم والمعرفة، فهو في أعلى مراتب التجرّد، كلُّ ما يكون ۱ في أعلى مراتب التجرّد ولا يدرَك بحاسّة البصر ـ إذ لا صورة مادّيّة له ولا إبصار إلاّ بحصول صورة مادّيّة للمبصَر ـ فكمال معرفته أن يُعرف بأنّه لا يمكن أن يدرَك بالبصر؛ لا أن يُعرف بالإبصار، إنّما يصحّ رؤيته بالقلب، وهذه المعرفة هي رؤيته بالقلب، فهو يعبد ما يراه.
وقوله: (هل رأى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ربّه) سؤال عن رؤيته صلى الله عليه و آله ربّه، والرؤية وإن كانت ظاهرةً في الإبصار لكنّها تحتمل الرؤيةَ القلبيّة.
وأجاب عليه السلام بأنّ رؤيته صلى الله عليه و آله بالقلب بأن أراه اللّه وعرّفه من سِمات كماله وصفاتِ جلاله وعظمة آياته ما أحبّ أن يعرّفه. والمراد أنّ رؤيته له معرفته بالقلب لا بحقيقته، بل بصفاته وأسمائه وآياته وآثاره.

1.في حاشية «ل»: «كان».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
320

۰.مخلوقٌ ، واللّه لا يوصَفُ بخَلْقِهِ . قال : فمن أين يُعْلَم أنَّك نَبيُّ اللّه ؟ قال : فما بَقِيَ حولَه حَجَرٌ ولا غير ذلك إلاّ تَكَلَّمَ بلسانٍ عربيّ مبينٍ : يا سِبَخْتُ ، إنّه رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله . فقال سِبَخْتُ : ما رأيتُ كاليوم أمرا أبْيَنَ من هذا ، ثمّ قال : أشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللّه ُ وأنَّكَ رسولُ اللّه » .

۱۰.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن يحيى الخَثعميّ ، عن عبدالرحمن بن عَتِيكٍ القصيرِ ، قال :سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن شيءٍ من الصفة ، فَرَفَعَ يَدَه إلى السماء ، ثمّ قالَ : «تعالى الجبّارُ ، تعالى الجبّارُ ، مَن تَعاطى ما ثَمَّ هَلَكَ» .

المتمكّنات والمتحيّرات.
وحضورُ الأوّل سبحانه من القسم الأوّل دون الثاني، والحضور العلمي في شيء لا ينافي الحضور العلمي في آخَرَ ؛ فإنّ الإحاطة العلميّة بالأشياء المتباينة بالوضع، والمختلفة بالحدود معا جائزة، فهو محيط علمه بجميع الأمكنة والأيون، وحاضر بالحضور العلمي في كلّ منها، والمقارنةُ الوضعيّة تختلف بالنسبة إلى ذوات الأوضاع، والقربُ من بعضها يوجب البُعدَ من بعض، وحضور البعض يوجب غيبة البعض، وهو سبحانه منزّه عن هذه المقارنة، وليس في شيء من المكان المحدود.
قوله: (وكيف هو؟) أي هو على أيّ حال وصفة حتّى يُعرف بها، فقال عليه السلام في الجواب: (كيف أصف ربّي بالكيف) أي بصفة زائدة على ذاته، وكلُّ ما يغاير ذاته مخلوق، واللّه سبحانه لا يوصف بخلقه؛ لأنّه لا يجوز حلول غيره فيه؛ حيث لا يحقّق الحلول إلاّ بقوّة في المحلّ وفعليّة بالحالّ، وهو سبحانه في ذاته لا يصحّ عليه قوّة الوجود؛ لأنّ قوّة الوجود عدمٌ ، وهو بريء في ذاته من كلّ وجه من العدم، وكذا لا يصحّ عليه قوّة العدم؛ لأن قوّة العدم وجودٌ ممكنٌ، وهو سبحانه بريء في ذاته من كلّ وجه عن الإمكان.
قوله: (تعالى الجبّار) أي عن أن يوصَف بصفة زائدة على ذاته، وعن أن يكون لصفته الحقيقيّة بيان حقيقي (مَن تعاطى) أي تناول بيانَ (ما ثمّة) ۱ من صفاته

1.في الكافي المطبوع: «ما ثمّ».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 99497
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي