271
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

باب إطلاق القول بأنّه شيء

۱.محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن ابراهيمَ ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، قال :سألت أبا جعفر عليه السلام عن التوحيد ، فقلت : أتَوَهَّمُ شيئا؟ فقال : «نعم ، غيرَ معقولٍ ولا محدودٍ ، فما وَقَعَ وهمُك عليه من شيء فهو خلافُه ، لا يُشبِهُهُ شيءٌ ولا تُدرِكُه الأوهامُ ، كيف تُدرِكُه الأوهامُ وهو خلافُ ما يُعْقَلُ ، وخلافُ ما يتَصَوَّرُ في الأوهام؟! إنّما يُتَوَهَّمُ شيءٌ غيرُ معقولٍ ولا محدودٍ» .

۲.محمّد بن أبي عبداللّه ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسين بن سعيد ، قال :سُئلَ أبوجعفرٍ الثاني عليه السلام : يجوز أن يقالَ للّه : إنّه شيء؟ قال : «نعم ، يُخرِجُه من الحَدَّيْنِ : حَدِّ التعطيل ، وحدِّ التشبيه» .

باب إطلاق القول بأنّه شيء
قوله: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن التوحيد) أي معرفتِه متوحّدا بحقيقته وصفاته ، فلا يُوصَف بصفات غيره المغايرة للموصوف .
وقوله: (أتوهّم شيئا) أي اُدركه ۱ وأتصوّره شيئا، وأصفه بالشيئيّة .
وقوله: (نعم، غيرَ معقول) أي نعم ۲ توهّمه وتصوّره شيئا غيرَ معقول، أي غير مدرك بالعقل بكنهه إدراكا كلّيا (ولا محدودٍ) أي بحدود عقليّة أو حسّيّة، وكلّ مدرك بالحواسّ والقوّة الوهميّة ۳ إدراكا جزئيا محدودٌ، فما وقع وهمك عليه وتدركه به فهو سبحانه خلافه، وكيف يدركه الأوهام وهو خلاف ما يُعقل ويتصوّر في الأوهام؛ لأنّه يجوز على كلّ معقول و متصوّر بالوهم تجريدُ العقل إيّاه عن الإنّية والوجود، بخلافه سبحانه.
قوله: (قال: نعم يخرجه من الحدّين ...) أي يجوز أن يقال للّه : إنّه شيء، ويجب أن يخرجه القائل من الحدّين، فقوله: «يخرجه» إنشاء في قالب الخبر .

1.في «ل ، م» : «أ أُدركه» .

2.في «ل» : - «نعم» .

3.في حاشية «ل» : «الحسّيّة» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
270

۰.القاهِرِ ، وجلالِ الربِّ الظاهرِ ، ونورِ الربِّ الباهِرِ ، وبرهانِ الربِّ الصادقِ ، وما أنْطَقَ به ألسُنَ العباد ، وما أرسَلَ به الرُّسُلَ ، وما أنْزَلَ على العباد ـ دليلاً على الربّ» .

و «البهر» : الإضاءة أو الغلبة .
و «البرهان» : الحجّة .
وحاصل كلامه عليه السلام أنّ في الخلق ـ المسخّر المتحرّك بالاضطرار لا بالطبع أو الإرادة ـ دلالة على وجود قاهر يقهره، والقاهر له الغلبة والسلطنة والعزّة، فهو إله ومعبود يستحقّ أن يُعبَد . وجلالُه وعظمته وتعاليه عن أن يشاركه غيره في الأُلوهيّة أو يدانيه يدلّ على وحدته كما سبق من دليل التوحيد .
والمراد بنور الربّ : القوّة العقليّة الحاصلة للنفس بإشراق من المبادئ العقليّة عليها ، الغالبة على الإدراك الحسّي والوهمي .
والمراد ببرهان الربّ الصادق: المقدّمات الحقّة الضروريّة التي يبتني عليها إثبات الأُلوهيّة والتوحيد؛ فإنّه بنور العقل يدرك المقدّمات الضروريّة وما في الخلق المسخّر، ويهتدى به إلى إلهيّته ووحدته . ومن كمل عقله فلا يحتاج إلى شيء آخر . ومن ضعف قوّته العقلانيّة يحتاج إلى غيره ممّا اُرسل به الرسل وجاؤوا به من عند اللّه و ما أنزل اللّه على العباد من الكتاب والحكمة والآيات، وإلى بيان بعض من عباده لبعض، وأشار إليها بقوله : (وما أنطق به ألسن العباد وما أرسل به الرسل وما أنزل على العباد).
ويحتمل أن يكون المراد بما أنطق به ألسن العباد اللغاتِ المختلفةَ، وبما أرسل به الرسل الآياتِ وخوارقَ العادات، أو الشريعةَ المشتملة على الحِكَم والمصالح، وبما أنزل على العباد البلايا والمصائب النازلة عليهم عند خروجهم عن الإطاعة والانقياد، وطغيانهم وعدوانهم . وفيها من الدلالة على إلهيّته متوحّدا ما لا يخفى، والمذكورات أوّلاً دلائلُ من العاديات، وجُلّ هذه من خوارقها .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 100361
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي