129
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

باب بذل العلم

۱.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن حازم ، عن طلحةَ بن زيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :«قرأتُ في كتاب عليّ عليه السلام : إنَّ اللّه َ لم يَأخُذْ على الجُهّال عهدا بطلب العلم حتّى أخَذَ على العلماء عهدا ببذل العلم للجُهّال ؛ لأنَّ العلمَ كان قبلَ الجهل» .

باب بذل العلم
قوله: (لأنّ العلم كان قبل الجهل) . ۱
هذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم للجاهل على أخذ العهد على الجاهل بطلب العلم، أو بيان لصحّته .
ويمكن أن يقرّر بحمل القبليّة على القبليّة الزمانيّة ، و بتنزيلها على القبليّة بالرتبة والشرف .
أمّا الأوّل ، فبأن يقال: العلم قبل الجهل؛ حيث كان خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالَم كالقلم واللوح وسائر الملائكة المقرّبين، وكخليفة اللّه في أرضه آدم عليه السلام بالنسبة إلى أولاده، فيصحّ كون الأمر بالطلب بعد الأمر ببذل العلم، أو يكون الأمر ببذل العلم سابقا؛ حيث يأمر بما يقتضيه حكمته البالغة، وبما هو الأصلح عند وجود من يستحقّ أن يخاطب به، ولأنّ من لم يسبق الجهل على علمه يعلم بإطلاع منه سبحانه حُسْنَ أن يبذل العلم ومطلوبيّته له تعالى، فيعلم كونه مطلوبا منه البذل،

1.في حاشية «م» : قوله عليه السلام : «إنّ اللّه لم يأخذ...» يحتمل ـ و اللّه أعلم ـ أن يكون المراد أنّ اللّه تعالى أخذ العهد على العلماء في الميثاق أن يبذلوا العلم لمن لا يعلمه أوّلاً، ثمّ أخذ العهد على الجهّال بتعلّمه منهم. ووجه تقديم الأخذ على العلماء أنّه تعالى خلق العلم قبل الجهل المقابل للعلم . كما يدلّ عليه حديث العقل وجنوده من أنّ إليه تعالى خلق العقل أوّلاً ثمّ خلق الجهل، ثمّ أعطى العقل جنوده، ثمّ أعطى الجهل جنوده . ومن جنود العقل العلم، ومن جنود الجهل ـ المقابل للعقل ـ الجهل المقابل للعلم . فالحاصل أنّ تقديم أخذ الميثاق على العلماء لتقدّم وجود العلم. و «العلماء» يحتمل أن يكون المراد بهم الأنبياء والأوصياء؛ ليكون وجوب التعلّم على غيرهم من العلماء معلوما من جهة اُخرى، وأن يكون مطلق العلماء ، وهو أظهر .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
128

۹.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن فَضالةَ بن أيّوبَ ، عن عمر بن أبان ، عن منصور الصيقل ، قال :سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول : «تَذاكُرُ العلْمِ دراسةٌ ، والدراسةُ صلاةٌ حَسنةٌ» .

لايدلّ على التحدّث والمكالمة ـ عقّبه بقوله: «وتلاقوا وتحدّثوا» أي بالعلم؛ بيانا للمراد من التذاكر ، وهو أن يتحدّث ويكالِم بعضهم بعضا فيما يتعلّق بمعرفة الدين ومعرفة الشريعة القويمة .
قوله: (فإنّ الحديث جلاء للقلوب).
الجِلاء ـ بالكسر ـ هو الصَقْل ۱ ، مصدر قد يستعمل لما يجلى به، فاستعمل فيه، أو حُمل على الحديث مبالغةً . والرين: الوسخ .
وقوله: (جلاؤه الحديد) أي جلاء السيف الحديد. وفي بعض النسخ بدل «الحديد»: «الحديث» أي جلاء القلب الحديث .
قوله عليه السلام : (تذاكر العلم دراسة) ۲
.
الدراسة: قراءة الكتاب والعلم، يقال: درست الكتاب دراسة، أي قرأته. (والدراسة) أي قراءة العلم (صلاة حسنة) أي دعاء جميل، لأنّه يترتّب عليها ما يترتّب على أكمل الأدعية، وهو الدعاء الذي يطلب فيه جميع الخيرات من المطالب الدنيويّة والأُخروية، فيستجاب، أو تعظيم للّه سبحانه جميل؛ لأنّ فيه تعظيما ظاهرا ينشأ عن تعظيم باطني وينبئ عنه، فيثمر تعظيما باطنيا لآخَرَ ، أو المراد بالصلاة معناها الشرعي، و بالصلاة الحسنة الصلاة المفروضة، كما قيل في قوله تعالى: «إِنَّ الْحَسَنَـتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّـ?اتِ»۳ يعني أنّ الصلوات الخمس تكفّر ما بينها . والمراد بكونها صلاة مفروضة تَشارُكهما في الدرجة الرفيعة والثواب الجزيل، أو في تكفير ما بينها من السيّئات .

1.في «خ ، م»: «الصيقل» .

2.في «خ ، ل»: «دراسته» .

3.هود (۱۱): ۱۱۴ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 99502
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي