1
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

تمهيدٌ

إنّ الحديث الشريف باعتباره رواية لسنّة المعصومين عليهم السلام ، فقد غطّى مجالات واسعة ، بحيث يمكن تشبيهه ببحر ضمّ جميع المواضيع الّتي يحتاجها البشر من معارف ومتطلّبات .
إنّ الحديث الشريف وبما يتمتّع به من مكانة عاليّة ورفيعة بين المسلمين ، كان نقله ونشره أمرين مهمّين ، ولذا يجب الوقوف على ما يحتويه من بلاغة إلى جانب المحتوى الغني الذي يتمتّع به .
وبما أنّ أحاديث أهل البيت عليهم السلام تنبع من مصدر واحد ، فغالبا ما نلمس نوعا من المطابقة والتوافق ما بينها ، نعم ، يوجد تفاوت من جهة البيان والاُسلوب والشكل الظاهري فيما بينها .
فتارةً نشاهد الحديث الشريف يصاغ على شكل سؤال وجواب علمي ، أو بيان أخلاقي ، أو ما يناسب مقام صدور الحكم الشرعي ، أو ما يناسب مقام المناجات مع ربّ العالمين ، فكلّ هذه الأشكال والأساليب تهدف إلى بيان المعارف الّتي يحتاجها البشر في الوصول إلى أهداف عاليّة من المعرفة الإلهيّة والاتّصال بالمبدأ المتعالي.
لقد خاض الكثير من علماء الحديث والمحدّثين ـ وباستخدام الأساليب والقواعد العلمية ـ في وشرح وبيان الجوانب العقائديّة أو الفقهيّة أو الأخلاقيّة في الأحاديث الشريفة ، ولذا نجد أنّ هذا النوع من الروايات كان محلّاً لاهتمامهم .
ولكن ينبغي عدم إغفال الدور المؤثّر للدعاء ـ في الأحاديث الشريفة ـ على الحياة البشرية وما توجد من حاجة ماسّة إليه ، حيث إنّ دوره الفعال كان نتيجة أمرين :
الأوّل : تأثير الدعاء في الحياة المعنويّة للإنسان وكونه حاجة وضرورة ، والأمر الآخر : المكانة التاريخيّة لبعض الأئمّة الذين كانوا سبّاقين لغيرهم في الإقدام على استخدام هذا الاُسلوب في بيان معارف الدين الحنيف .
نشهد هذا الوصف جليا ومطابقا لأئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وأنّهم كانوا كثيرا ما يدعون اللّه عزّوجلّ ، ويؤيّد ذلك تلك الأخبار الّتي نقلت عن أحوالهم ، والكمّ الكبير من الأدعية الّتي نُقلت عنهم عليهم السلام .
ولكن في هذا المجال فإنّ دور الإمام السجّاد عليه السلام يبرز جليا ؛ وذلك لأنّه كان كثير الدعاء ، ولأنّه نُقل عنه الكثير من الأدعية ؛ بحيث يحتاج كلّ واحد من هذه الأدعية إلى بيانٍ خاصّ وشرحٍ وبسط كبيرين .
كما أخذ تلامذته البارزين دورا مهمّا في نقل هذه الآثار وحفظها من النسيان ، ومن جملة تلامذته عليه السلام يبرز اسم أبي حمزة الثمالي واضحا ، بما كان يتمتّع به من دقّة واشتياق ، ولما له من دور في بقاء وخلود هذه الأدعية الشريفة .
ويمكن القول : إنّ من أكبر الأدعية المرويّة عن الإمام السجّاد عليه السلام وبنقل أبي حمزة الثمالي ، هو ذلك الدعاء المعروف باسم راويه ؛ أي دعاء أبي حمزة الثمالي .
وقد ورد الدعاء في جملة أدعية أسحار شهر رمضان المبارك ، حيث يحتوي على مفاهيم كثيرة ومهمّة في التوبة والإنابة وشحذ الهمم لإصلاح النفس ، ولذا حضى هذا الدعاء بأهميّة ومكانة عاليتين .
وبسبب عشق وعلاقة العالم الأخلاقي المعاصر سماحة آية اللّه الحاج الشيخ علي الأحمدي الميانجي رحمه الله بهذا الدعاء الشريف ، فقد بدأ بخطوة كبيرة في مجال شرحه وتوضيحه ، ولكنّه ـ للأسف ـ لم يتمّ هذا العمل .
نعم ، إنّ الفقرات المتبقية من شرح هذا الدعاء كانت بحجم معتنى به بحيث شكّلت الكتاب الذي بين أيدينا ، ولا يخفى أنّه أحد مؤلّفاته رحمه الله العديدةً .
إنّ مركز أبحاث علوم ومعارف الحديث ، وبالالتفات إلى هذا البعد المهمّ من الأحاديث الذي بيّن على شكل دعاء ، ولإجل تكريم جهود هذا العالم الجليل المتخلّق بالأخلاق الإنسانية والذاكر للآخرة ، أقدم على تحقيق ونشر هذا الأثر .
ولذا نجد لزاما على أنفسنا أن نقف إكراما لهذا العالم ، سائلين اللّه تعالى له علوّ الدرجات . كما ونتقدّم بالشكر لجهود نجله سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الحاج الشيخ مهدي الأحمدي الميانجي ، الذي زوّدنا بالنسخة المخطوطة للمؤلّف ، ونتقدّم أيضا بالشكر الجزيل للمحقّق جناب الشيخ مهدي هوشمند ، الذي أخذ على عاتقه التحقيق العلمي لهذا الكتاب .
مركز أبحاث علوم ومعارف الحديث


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 329762
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي