البر (تفصیلی) - الصفحه 6

على التمييز ، هي مقياس الخير والشرّ من وجهة نظر الكتاب والسنّة ، ولذلك تصرّح بعض الروايات بأنّ القلب هو الحَكَم بين الخير والشرّ في القيام بالأعمال ، فقد نقل عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
البِرُّ ما سَكَنَت إلَيهِ النَّفسُ ، وَاطمَأَنَّ إلَيهِ القَلبُ ، وَالإِثمُ ما لَم تَسكُن إلَيهِ النَّفسُ ، ولَم يَطمَئِنَّ إلَيهِ القَلبُ ، وإن أفتاكَ المُفتونَ . ۱
وهذا الحديث يعني أنّ فطرة الإنسان النقيّة ، لا تستطيع التمييز بين «البرّ» و«الخير» فحسب ، بل إنّها تشعر بالسرور والاطمئنان على إثر القيام بهما ، وعلى العكس من ذلك ، فإنّها تشعر بالانزعاج وعدم الاطمئنان لارتكاب الفعل القبيح ، وعلى هذا الأساس فقد اعتبر اطمئنان القلب ـ في حالات الشبهة ـ على إثر أداء عمل ما ، علامة على كونه عملاً صالحاً ، وقلق القلب علامة على سوئه .

ثانياً : رأي الناس إزاء حكم الضمير

والملاحظة الاُخرى التي تستحقّ الاهتمام والتي تمّ التأكيد عليها في ذيل الرواية المذكورة وبعض الروايات الاُخرى ، هي أنّ رأي الناس إزاء حكم ضمير الإنسان لا قيمة له ، كما تشير إليه العبارة التالية من الحديث السابق :
وإن أفتاكَ المُفتونَ .
أي أنّ ضمير الإنسان يمكنه تحديد صحّة الأعمال وصلاحها ، ويصدّقها ويطمئنّ بها ويسكن إليها . كما أنّ الضمير بإمكانه أيضاً تحديد الفعل السيّء والخاطئ ، حتّى إذا اعتبره الآخرون عملاً صالحاً وحسناً وأصرّوا على ذلك ، إلّا أنّ قلب الإنسان

1.. مسند ابن حنبل : ج ۶ ص ۲۲۳ ح ۱۷۷۵۷ ، المعجم الكبير : ج ۲۲ ص ۲۱۹ ح ۵۸۵ ، مسند الشاميّين : ج ۱ ص ۴۴۴ ح ۷۸۲ كلّها عن أبي ثعلبة الخشني وليس فيهما «وإن أفتاك المفتون» .

الصفحه من 58