الاُلفة (تفصیلی) - الصفحه 6

ب ـ تهيئة الأجواء للانسجام الروحي

إنّ مبدأ الاُلفة واجتماع القلوب في نظام الخليقة هو تناسبها وتعارفها ، وما تذكره النصوص الدينيّة بشأن سببيّة اللّه سبحانه في الاُلفة بين البشر ، إنّما تعني هذا المفهوم . يقول الإمام عليّ عليه السلام :
إنَّ النُّفوسَ إذا تَناسَبَت ائتَلَفَت . ۱
ومن هنا ؛ فالإسلام لا يكتفي بإزالة موانع الاُلفة فحسب ، بل يمهّد الأرضيّة تجاه سيادة مبدأ التآلف الروحيّ والانسجام النفسيّ في معظم أحكامه السياسيّة والأخلاقيّة والعمليّة .
على هذا الأساس ، فإنّ ما يؤكّده الإسلام بشأن الاقتداء بالنماذج الإنسانيّة السامية في الحياة ـ وخاصّة أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ ورعاية حقوق الأفراد ، وحسن المعاشرة ، وإبراز مشاعر الحبّ ، والوفاء ، والإحسان ، والتقارب السببيّ ، واجتناب التكلّف في العلاقات ... إنّما يتّجه إلى توفير الأجواء اللّازمة للانسجام النفسيّ ، وتقوية أواصر الاُلفة والمحبّة بين الناس .
إنّ تأكيد الإسلام على أداءِ الصلاة جماعةً خمس مرّات في الليل والنهار ، له دلالته على الاهتمام بائتلاف المجموعات البشريّة في الأحياء المختلفة للمدينة ، وكذلك اجتماع أهل كلّ مدينة مرّة في الاُسبوع لأداء صلاة الجمعة ، له عطاؤه في خلق روح الاُلفة على مستوى أوسع .
وأوسع من ذلك اجتماع أهل المدينة ومشارفها في العيدين على صعيدٍ مكشوف ؛ لكي ينهلوا من روح الصلاة ومن إرشادات الخطيب ، ممّا يؤكّد اُلفتهم ووحدتهم .

1.راجع : ص ۲۶۶ ح ۳۰۳۴ .

الصفحه من 36