التاریخ (تفصیلی) - الصفحه 9

وإنّ عالِم التّاريخ يعرف أنّ المواجهة والمكابرة أمام التّاريخ أمرٌ مُتعب لا فائدة فيه ، وأنّ السبيل الوحيد لمواجهة الأحداث المرّة ، والحيلولة دونها ، هو اتّخاذ موقف علميّ ومنطقيّ منها ۱ .
وعلى هذا الأساس ، ينهض المؤرِّخ الخبير بدور أساسيٍّ في تكامل المجتمع مادّيّا ومعنويّا ، ويساهم في صنع الحضارات الكبرى . من هنا جاء التأكيد الشّديد من القرآن الكريم ، والحديث الشريف ، على التعرّف على علم التّاريخ ، وخاصّةً التّاريخ المعاصر .
لذلك كان أئمّة أهل البيت عليهم السلام مزوّدين بعلم التّاريخ في أعلى مستوياته ، إلى جانب سائر العلوم ؛ لما تتطلّبه مسؤوليّتهم في هداية البشريّة وقيادتها . يقول الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ مِن عِلمِ ما اُوتينا تَفسيرَ القُرآنِ وأحكامَهُ ، وعِلمَ تَغييرِ الزَّمانِ وحَدَثانِهِ . ۲

3 . شهادة التّاريخ

من المفيد أن نعلم أنّ الاستناد إلى «شهادة التّاريخ» له جذور في التعاليم الإسلاميّة .
فالزَّمان ـ في النصوص الإسلاميّة ـ مثل المكان ، شاهد على أعمال الإنسان ، وسوف يؤدّي شهادةً لصالح الإنسان أو في غير صالحه . روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله : أنّ كلَّ يومٍ جَديدٍ يُخاطِبُ الإنسانَ ويقولُ لَهُ :
أنَا خَلقٌ جَديدٌ ، وأنَا فيما تَعمَلُ غَدا عَلَيكَ شَهيدٌ . ۳
إنّ كيفيّة شهادة التّاريخ في هذه الدنيا واضحة ، لكنَّ شهادتَه بعد الموت قد تعني تجسّم أعمال حياته ، كما ورد في الحديث النبويّ الشريف :

1.راجع : ص ۱۲۴ (عدم معاتبة الزمان) و (عدم مكابرة الزمان) .

2.الكافي : ج ۱ ص ۲۲۹ ح ۳ .

3.راجع : ص ۱۲۵ ح ۱۴۰۳ .

الصفحه من 80