يتخلّ الإنسان عن بعض أهوائه وأمانيه وما يرغب به ويريده لا يسعه طيّ هذا الطريق ، بعكس الدنيا التي تتحرّك باتّجاه الرغائب والميول النفسية ، من هذا المنطلق تؤكّد الروايات والنصوص الإسلامية ، أنّ طريق الآخرة الذي ينتهي بصاحبه إلى الجنّة محفوف بالمكاره والمشاقّ ۱ ، على حين أنّ طريق الدنيا الذي ينتهي بصاحبه إلى النار محفوف بالشهوات ومثقل بالأهواء .
ح ـ الكفاءة والاستحقاق
لذائذ الدنيا ورغائبها وما يتحقّق فيها للإنسان من مكاسب ، لا يرتبط بالضرورة بمعيار الكفاءة والجدارة والاستحقاق ، فما أكثر من يعيش من ذوي الكفاءة والاستحقاق عمراً يمضيه بالفاقة والحرمان ، حيث تهدر حقوقه وتهتضم ممّن لا شأن له ولا استحقاق يرفعه ، أمّا عطاءات الآخرة ومواهبها فهي تُدرَك بالجدارة وتتبع الاستحقاق ، وبتعبير الإمام عليّ عليه السلام :
أحوالُ الدُّنيا تَتبَعُ الاِتِّفاقَ ، وأحوالُ الآخِرَةِ تَتبَعُ الاِستِحقاقَ. ۲
ط ـ إحاطة الدنيا بالآخرة
آخر خصيصة بارزة من خصائص الآخرة أنّها تحيط بالدنيا ، بمعنى أنّ الآخرة موجودة الآن ، وجهنّم تحيط الآن بمن هم أهلها ، والجنة تحيط الآن بمستحقّيها . ۳ بتعبير آخر ، تريد هذه النقطة أن تقول أنّ الدنيا مَعلَم من معالم الآخرة ، لكن مادام الإنسان منغمراً في النشأة الدنيا فلا يسعه أن يدرك حقيقة الآخرة والجنّة والنار ،
1.راجع : ص ۲۶۶ (دار محفوفة بالمكاره).
2.. راجع : ص ۲۶۷ ح ۲۴۸ .
3.راجع : ص ۲۶۷ (دار محيطة بالدنيا) .