موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1 صفحه 9

المدخل

الحمد للّه ربّ العالمين وصلّى اللّه على عبده المصطفى محمّد خاتم النبيّين وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين، الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وعلى أصحابه الذين أحسنوا الصحبة ، واستجابوا له ، وأسرعوا إلى وفادته ، وسابقوا إلى دعوته .
يتصدّر علم الطبّ سائر العلوم البشريّة المتنوّعة ؛ ذلك أنّ فلسفة العلوم هي : استثمار الإنسان مواهب الحياة ، وهذا الهدف لا يتيسّر إلاّ في ضوء صحّة الجسد والروح . ۱ من هنا قال الإمام الباقر عليه السلام :
«وَاعلَم أنَّهُ لا عِلمَ كَطَلَبِ السَّلامَةِ ، ولا سَلامَةَ كَسَلامَةِ القَلبِ» .۲
ويدلّ هذا الكلام بوضوح على أنّ طبّ الروح من منظار الإسلام أغلى من طبّ الجسد ، وطبّ الجسد أغلى من سائر العلوم ، وهذا ما يشير إليه الحديث النبويّ الشريف الآتي أيضا :
«العِلمُ عِلمانِ : عِلمُ الأَديانِ ، وعِلمُ الأَبدانِ» .۳

1.كما روي عن الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قوله: «بِالعافِيَةِ توجَدُ لَذَّةُ الحَياةِ» (غرر الحكم ، ح ۴۲۰۷) .

2.انظر : ص ۳۳ ، ح ۴ .

3.انظر : ص ۳۳ ، ح ۱ .

موسوعة الأحاديث الطّبيّة ج1 صفحه 10

التطبيب عمل اللّه

نقل القرآن الكريم على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام قوله : « وَ إِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ » . ۱
ويستبين من هذا الكلام أنّ التطبيب هو عمل اللّه تعالى ، وأنّ الطبيب الحقيقيّ هو نفسه سبحانه . ۲
فهو الّذي وضع الخواصّ الطبّية في العقاقير ، وجعل لكلّ داءٍ في نظام الخلق دواءه ۳ ، ووهب الإنسانَ معرفةَ الأدواء وأدويتها وطريقة علاجها ، فاتّخذه الإنسان بذلك رمزا لاسم «الطبيب» و«الشافي» ، كما كان الأنبياء عليهم السلامرمزا لهذين الاسمين المقدَّسَين فيما يتّصل بعلاج الأمراض الروحيّة .
قال الإمام عليّ عليه السلام في وصف رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
«طَبيبٌ دَوّارٌ بِطِبِّهِ ، قَد أحكَمَ مَراهِمَهُ ، وأحمى مَواسِمَهُ ، يَضَعُ ذلِكَ حَيثُ الحاجَةُ إلَيهِ ، مِن قُلوبٍ عُميٍ ، وآذانٍ صُمٍّ ، وألسِنَةٍ بُكمٍ . مُتَتَبِّعٌ بِدَوائِهِ مَواضِعَ الغَفلَةِ ، ومَواطِنَ الحَيرَةِ» .۴
وهكذا يرى الإسلام أنّ الطبيب والدواء ـ روحيّين كانا أم جسديّين ـ يؤدّيان دور الواسطة في النظام الكَونيّ الحكيم ، وأنّ المعالج هو اللّه سبحانه وحدَه .

موسوعة الأحاديث الطبّية

إذا كان الطبّ في اللغة ۵ والنصوص الإسلاميّة يشمل علاج الأمراض الجسديّة

1.الشعراء : ۸۰ .

2.انظر : ص ۴۳ (الطبابة في منظار الإسلام / الشفاء من اللّه ) .

3.انظر : ص ۴۰ (الطبابة في منظار الإسلام / لكلّ داء دواء) .

4.نهج البلاغة ، الخطبة ۱۰۸ ، عيون الحكم والمواعظ ، ص ۳۱۹ ، ح ۵۵۶۴ .

5.الطبُّ ـ مثلَّثة الطاء ـ : علاج الجسم والنفس (القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۹۶) .