تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2 صفحه 0

209

الأصْلُ:

۰.ومن خطبة له عليه السلام خطبها بصفينأَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ جَعَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ ، والحقُّ أَوْسَعُ الْأَشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ ، لاَ يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ . وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً للّهِِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ ، وَلكِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ . وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ .

الشّرْحُ:

الذي له عليهم من الحقّ هو وجوب طاعته ، والذي لهم عليه من الحقّ هو وجوب معدلته فيهم . والحقّ أوسع الأشياء في التواصف ، وأضيقُها في التناصف ، معناه أنّ كلّ أحدٍ يصف الحقّ والعدل ، ويذكر حسنه ووجوبه ، ويقول : لو وُلّيت لعدلت ، فهو بالوصف باللسان وسيع ، وبالفعل ضيّق ؛ لأنّ ذلك العالَم العظيم الذين كانوا يتواصفون حسنه ، ويعِدُون أنْ لو وُلّوا باعتماده وفعله ، لا تجدُ في الألف منهم واحدا لو ولِّيَ لعدل ، ولكنه قول بغير عمل .
ثم عاد إلى تقرير الكلام الأول ، وهو وجوب الحقّ له وعليه ، فقال : إنّه لا يجري لأحدٍ إلاّ وجرى عليه ، وكذلك لا يجري عليه إلاّ وجرى له ، أي ليس ولا واحد من الموجودين بمرتقع عن أن يجري الحقّ عليه ، ولو كان أحدٌ من الموجودين كذلك لكان أحقّهم بذلك الباري سبحانه ؛ لأنَّه غايةُ الشرف ، بل هو فوق الشرف وفوق الكمال والّتمام ، وهو مالك الكلّ ، وسيّد الكلّ ، فلو كان لجواز هذه القضية وجه ، ولصحّتها مساغ ، لكان الباري تعالى أوْلَى بها ، وهي ألاّ يُستحقّ عليه شيء ، وتقدير الكلام : لكنّه يُستحقّ عليه أُمور ، فهو في هذا

تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2 صفحه 1

209

الأصْلُ:

۰.ومن خطبة له عليه السلام خطبها بصفينأَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ جَعَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ ، والحقُّ أَوْسَعُ الْأَشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ ، لاَ يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ . وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً للّهِِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ ، وَلكِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ . وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ .

الشّرْحُ:

الذي له عليهم من الحقّ هو وجوب طاعته ، والذي لهم عليه من الحقّ هو وجوب معدلته فيهم . والحقّ أوسع الأشياء في التواصف ، وأضيقُها في التناصف ، معناه أنّ كلّ أحدٍ يصف الحقّ والعدل ، ويذكر حسنه ووجوبه ، ويقول : لو وُلّيت لعدلت ، فهو بالوصف باللسان وسيع ، وبالفعل ضيّق ؛ لأنّ ذلك العالَم العظيم الذين كانوا يتواصفون حسنه ، ويعِدُون أنْ لو وُلّوا باعتماده وفعله ، لا تجدُ في الألف منهم واحدا لو ولِّيَ لعدل ، ولكنه قول بغير عمل .
ثم عاد إلى تقرير الكلام الأول ، وهو وجوب الحقّ له وعليه ، فقال : إنّه لا يجري لأحدٍ إلاّ وجرى عليه ، وكذلك لا يجري عليه إلاّ وجرى له ، أي ليس ولا واحد من الموجودين بمرتقع عن أن يجري الحقّ عليه ، ولو كان أحدٌ من الموجودين كذلك لكان أحقّهم بذلك الباري سبحانه ؛ لأنَّه غايةُ الشرف ، بل هو فوق الشرف وفوق الكمال والّتمام ، وهو مالك الكلّ ، وسيّد الكلّ ، فلو كان لجواز هذه القضية وجه ، ولصحّتها مساغ ، لكان الباري تعالى أوْلَى بها ، وهي ألاّ يُستحقّ عليه شيء ، وتقدير الكلام : لكنّه يُستحقّ عليه أُمور ، فهو في هذا