حکم لقمان صفحه 7

تمهيد

كتاب «حكمةُ لقمان» حصيلة جهود متواصلة هدفها عرض الحِكَم القيّمة لأشهر أعلام الحكمة في تاريخ الأديان الإبراهيميّة ۱ ، بنمطٍ حديث وسهل المنال .
نُظّم هذا الكتاب في عشرة فصول ، تضمّ بين ثناياها : حياة لقمان الحكيم وسيرته ، حِكَمه الواردة في القرآن ، قصص من حِكمة لقمان ، حِكم حول العلم والمعرفة ، مُقوّمات وآفات بناء الذات ، الآداب الأخلاقية والاجتماعية ، الأمثال ، حِكم متنوّعة ، حِكم جامعة . كلّها عن لسان لقمان أو حوله .

1.حظيت حكم لقمان منذ القديم وإلى زماننا الحاضر باهتمام العلماء ، فأورد أحد قدماء الحكماء ـ الذين كانوا قبل البعثة النبوية الشريفة ، ولعله هوشنگ ـ في كتابه «جاويدان خرد (الحكمة الخالدة)» مقاطع من حكم لقمان ، وقد كانت خلاصة هذا الكتاب موجودة في زمان المأمون العباسي وكانت إحدى نسخ الكتاب عند الحسن بن سهل ، فترجمه إلى العربية (اُنظر : الذريعة : ج ۱ ص ۲۵) وقد أورد السيد محسن الأمين في كتابه «أعيان الشيعة» المتن العربي لهذا الكتاب ، كما طبع مستقلاً تحت عنوان «الحكمة الخالدة» ، وقد نقلنا عنه في هذا الكتاب . كما جمعت في صدر الإسلام بعض حكم لقمان في رسالة تحت عنوان «مجلة لقمان» وعرضت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والذي عرضها هو سويد بن صامت وكان من قبيلة الأوس القاطنة في المدينة ، فلما سافر إلى مكة لأداء الحج أو العمرة سمع ببعثة نبي اللّه صلى الله عليه و آله فالتقى به وتحدث معه ، ودعاه النبي صلى الله عليه و آله للإسلام ، فقال : إنّ معي «مجلة لقمان» ، فأراد رسول اللّه صلى الله عليه و آله رؤيته ، فأعطاه إياه ، فلما رآه النبي قال : «إنّ هذا الكلام لحسنٌ والذي معي أحسن منه ، كلام اللّه » وقرأ له شيئا من القرآن (تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۳۷) .

حکم لقمان صفحه 8

انتساب الحكم الأصيلة إلى لقمان

على الرغم ممّا بُذل في هذا الكتاب من جهود لجمع كلّ ما صدر عن لقمان من حِكم، لم يتسنّ لنا التوصّل إلى مصادر عدد من الحكم المشهورة المنسوبة إليه .
نذكر فيما يلي نماذج منها على سبيل المثال :
«كان لقمان ذات يوم جالسا إلى جانب عين ماء ، فمرّ من هناك رجل فسأله : كم ساعة بقي لأصل إلى القرية التالية ؟
فقال له لقمان : سِر .
فظنّ الرجل أنّ لقمان لم يسمع كلامه ، فأعاد عليه السؤال : ألم تسمع ؟ سألتك كم ساعة بقي لأصل إلى القرية التالية ؟
فقال له لقمان : سِر .
فظنّ الرجل أنّ لقمان مجنون ، ومضى على سبيله . فلم يمشِ الرجل إلاّ بضع خطوات حتّى صاح لقمان وراءه : ستصلها بعد ساعة .
فقال له الرجل : لماذا لم تخبرني بذلك منذ البداية ؟
فقال لقمان : لأنني لم أرَ سيرك ، ولم أكن أعلم أسريع هو أم بطيء ، فلمّا رأيت سيرك علمت أنّك ستصل إلى تلك القرية بعد ساعة» . ۱
والمثال الآخر على ذلك ما ورد في كتاب گلستان (فارسي) للشاعر المشهور سعدي الشيرازي :
«قيل للقمان: مِمّن تعلّمت الحكمة؟
قال : من العِميان ؛ لأنّهم لا يضعون أقدامهم في محلٍّ حتّى يختبروه» . ۲

1.مجلّة معارف إسلامي (فارسية) الفصلية ، فروردين ، ارديبهشت و خرداد ۱۳۸۵ : ص ۹۸ .

2.راجع : گلستان سعدي (فارسي) : ديباجه ص ۷۲ .