الفوائد الرجاليّة صفحه 13

تصدير

يُعتبر الحديث بعد القرآن من أهمّ مصادر التشريع الإسلامي منزلةً وفضلاً ، وأوفرها سهما في تدوين الثقافة الدينية والحضارة الإسلامية، وقد أمرنا اللّه تعالى اتّباع ما جاء به ، فقال ـ عزَّ من قال ـ : «مَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ» (الحشر : 7) .
وانطلاقا من هذه الرؤية ، لا يبقى ثمّة مَناصٍ من صبّ الجهود على «علوم الحديث» التي تنطوي تحتها جميع الفروع التي تُعنى بشكل أو آخر بدراسة الحديث والسُنّة ، ومنها علم الرجال والدراية.
وقد اهتمّ فقهاء الشيعة ومحدّثوهم بها غاية الاهتمام ، وأكّدوا على فضيلتها وعظيم مكانتها غاية التأكيد . قال الشهيد الثاني فى منية المريد (ص 369) : «وأمّا علم الحديث ، فهو من أجلّ العلوم قدرا وأعلاها رتبةً ، وأعظمها مثوبةً بعد القرآن» . وقال الشيخ عزّ الدين حسين بن عبد الصمد العاملي ـ والد الشيخ البهائي ـ في كتابه وصول الأخيار (ص 121) : «إعلم أنّ علم الحديث علمٌ شريف ، وهو من علوم الآخرة ، مَن حرمه حُرم خيرا عظيما ، ومَن رزقه رُزق فضلاً جسيما ، قال بعض العلماء : لكلّ دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد» .

الفوائد الرجاليّة صفحه 14

ولذا صنّفوا فيه علماء الفريقين كتبا كثيرة ، وأُصولاً قيّمةً ، وحملوا بذلك أعباء الرسالة الإسلامية وشيّدوا بنيانها ، وتركوا لنا ميراثا علميّا حديثيّا عظميا ، يصعب على الباحث أن يحيط بكلّ مَن ألّف وكلّ ما أُلّف .
ومن المؤسوف أنّ كثيرا من آثارهم مفقود ، أو مجهول ، أو طُبع غير محقَّق ومغلوط ، وكثيرا منها بقي مخطوطٌ على رفوف المكتبات العامّة والخاصة ، بعيدةً عن أيدي الباحثين والطلاّب .
هذا وقد عزم «مركز أبحاث دار الحديث» لتحقيق وإحياء ما تيسّر له من ميراث الشيعة في هذا المضمار ، ومنها هذا الأثر القيّم المسمّى ب «الفوائد الرجاليّة» في الرجال والدراية ، لمؤلّفه الفقيه الخبير الشيخ مهدي الكجوري الشيرازي ، من تلامذة الفقيهين المتبحرين الشيخ محمّد حسن النجفي والشيخ مرتضى الأنصاري ، المتوفّى سنة 1293ق .
وقد تصدّى لتصحيحه وتحقيقه الأخ الكريم الفاضل حجة الإسلام والمسلمين محمّد كاظم رحمان ستايش ، نسأل اللّه تعالى أن يتقبّل منه ويجعلَ هذا الجهد ذُخرا له ولنا يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إنّه سميع الدعاء .
قسم إحياء التراث
مركز بحوث دار الحديث
محمّد حسين الدرايتي