ولا لآمال البشرية في سيادة المحبّة وإحلال السلام والوئام تحقّق .
إنّ كتاب المحبّة في القرآن والحديث تفصيل لِما أجملناه في السطور الّتي سبقت ، وقد لقيت طبعته العربيّة ترحيبا مشجّعا لدى المعنيّين بأمره ، ممّا حدا بأحد كبار علماء الحجاز أن يقترح علينا توفير الكتاب على مستوى واسع مركّزا على حاجة المجتمعات الإسلاميّة الماسّة لمثل هذه الكتابات ، ثُمّ تبعا لذلك الاقتراح ، بادر سماحة الشيخ عبدالهادي المسعودي إلى تلخيص كتاب «المحبّة» ، حيث تجدون الآن بين أيديكم ما اقتُطف من ذلك فيما يتعلّق بمحبّة ، وذلك تحت عنوان «دليل المحبّة» .
إنّ «إكسير المحبّة» مقتطفات من القسم الثاني لكتاب «المحبّة في القرآن والحديث» حيث روعيت فيه كلّ العناوين الأصليّة والفرعيّةِ تقريبا ، وممّا تجدر الإشارة إليه هو أنّ من يروم أن يعي أكثر دور محبّة الإنسان للباري عزَّوجلَّ فعليه دراسة أصل الكتاب .
وختاما لا يسعنى إلاّ أن أعرب عن جزيل شكري وفائق امتناني لجميع العاملين في مركز تحقيقات دار الحديث ، الّذين ساهموا بصورةٍ ما في إعداد هذه المجموعة النفيسة ، ولا سيّما سماحة الشّيخ محمّد التّقديري الّذي ساهم في إعداد النّص الأصل لهذا الكتاب ، وهكذا سماحة الشّيخ عبدالهادي المسعودي الّذي أعدّ ما اقتُطف منه ، سائلاً المولى العزيز أن يمنّ عليهم جميعا ، بوافر فضله وعظيم أجره ، إنّه سميع مجيب ، راجيا من طلاّب العلوم ، والقرّاء الكرام ، ألاّ يألوا جهدا في إرسال مقترحاتهم وانتقاداتهم البنّاءه إلينا ، للارتقاء بمستوى

والطالحين ، وتستوعب كلّ شيء في الوجود إذ قال تعالى : «وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ»^۱.
كما قال شاعر الإنسانية سعدي الشيرازي :
أديم الأرض مائدة عامّة له /
وعلى هذا الخوان يجلس الصّديق والعدوّ سواء ^۲
من منظار هذه السنّة الإلهية يكتب أميرالمؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر في عهده لمّا ولاّه مصر :

۰.وأشعِر قَلبَكَ الرَّحمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، وَالمَحَبَّةَ لَهُم ، وَاللُّطفَ بِهِم ، ولا تَكونَنَّ عَلَيهِم سَبُعا ضارِيا ، تَغتَنِمُ أكلَهُم ، فَإِنَّهُم صِنفانِ : إمّا أخٌ لَكَ فِي الدّينِ ، وإمّا نَظيرٌ لَكَ فِي الخَلقِ . ^۳

۰.وقال عليه السلام أيضا :أبلَغُ ما تَستَدَرُّ بِهِ الرَّحمَةَ أن تُضمِرَ لِجَميعِ النّاسِ الرَّحمَةَ . ^۴

ليس البارئ الرحيم هو المعلّم الأكبر في رحاب المحبّة فحسب ، بل إنّ عواطف المحبّة كلّها تمتدّ جذورها في رحمته ومحبّته ، وبدون الارتباط به لا يُكتب لمحبّةٍ بقاءٌ ، ولا للأحقاد التي تعصف بالعالم زوالٌ ،